الأحد، 8 يناير 2012

: عنترة



هذي البلاد شقة مفروشة
يملكها شخص يسمى عنترة
يسكر طول الليل عند بابها
ويجمع الايجار من سكانها
ويطلب الزواج من نسوانها
ويطلق النار على الاشجار والاطفال والعيون
والضفائر المعطرة

هذي البلاد كلها مزرعة شخصية لعنترة
سمائها هوائها نسائها
حقولها المخضوضرة

كل الشبابيك عليها صورة لعنترة
كل الميادين هنا
تحمل أسم عنترة
عنترة يقيم في ثيابنا
في ربطة الخبز وفي زجاجة الكولا
وفي احلامنا المحتضرة
في عربات الخس والبطيخ
في الباصات في جمرك المطار
وفي طوابع البريد
في ملاعب الفوتبول
في مطاعم البيتزا
وفي كل فئات العملة المزروة

مدينة مهجورة مهجّرة
لم يبقى فأرة او نملة
او جدول أو شجرة
لا فيها يدهش السياح
 الا الصور الرسمية المقررة
للجنرال عنترة
في غرفة الجلوس
في ميلاده السعيد
في قصوره الشامخة
الباذخة المسورة

ما من جديد في حياة هذي المدينة المسعمرة
فحزننا متكرر ..وموتنا متكرر
فمنذ ان ولدنا ونحن محبوسون
في ثقافة الزجاجة المدورة ..واللغة المدورة
ومنذ ان دخلنا المدرسة
ونحن لا ندرس الا سيرة ذاتية واحدة
تخبرنا عن عضلات عنترة
ومكرمات عنترة
ومعجزات عنترة

لا شيء في أذاعة الصباح نهتم به
فالخبر الاول فيها خبر عن عنترة
والخبر الثالث والخامس والتاسع والعاشر فيها خبر عن عنترة
لا نجم فوق شاشة التلفاز
الا عنترة
بقدّه الميّاس..او ضحكة معبرة
يوما بزيّ الدوق والأمير
ويوما بزي الكادح الفقير
يوما على دبابة روسية
يوما على مجنزرة
واياما ..على أضلاعنا المكسّرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق