الثلاثاء، 27 مارس 2012

افتح بابك , وسهل حجابك , وانصر المظلوم , واقمع الظالم




يُحكى انه    بينما المنصور في الطواف بالبيت ليلاً , إذ سمع قائلاً يقول : ـ 
اللهم ! إني أشكو إليك ظهور البغي والفساد في الأرض , وما يحول بين الحق وأهله من الطمع 

فجزع المنصور فجلس بناحية من المسجد , وأرسل إلى الرجل , فصلى ركعتين واستلم الركن , وأقبل مع الرسول فسلم عليه بالخلافة
 
فقال المنصور ما الذي سمعتك تذكر من ظهور الفساد والبغي في الأرض ؟ وما الذي يحول بين الحق وأهله من الطمع ؟ فو الله لقد ملأت مسامعي ما أمرضني
فقال إن أمنـتني يا أمير المؤمنين أعلمتك بالأمور من أصولها , وإلا احتجزت –أي حبست ما عندي عنك - منك واقتصرت على نفسي فلي فيها شاغل
 
قال فأنت آمن على نفسك فقل
  
فقال يا أمير المؤمنين ! إن الذي دخله الطمع , وحال بينه وبين ما ظهر في الأرض من الفساد والبغي لأنت
 
فقال فكيف ذلك ؟ ويحك , يدخلني الطمع والصفراء والبيضاء في قبضتي , والحلو والحامض عندي ؟ قال وهل دخل أحداً من الطمع ما دخلك! إن الله استرعاك أمر عباده وأموالهم فأغفلت أمورهم , واهتممت بجمع أموالهم
 
وجعلت بينك وبينهم حجاباً من الجص والآجر وأبواباً من الحديد , وحراساً معهم السلاح , ثم سجنت نفسك عنهم فيها , وبعثت عمالك في جبايات الأموالوجمعها , وأمرت أن لا يدخل عليك أحد من الرجال إلا فلان وفلان نفراً سميتهم
 
ولا تأمر بإيصال المظلوم , ولا الملهوف ولا الجائع العاري إليك , ولا أحد إلا وله في هذا المال حق
فلما رآك هؤلاء النفر الذين استخلصتهم لنفسك , وآثرتهم على رعيتك ,وأمرت أن لا يحجبوا دونك تجبي الأموال وتجمعها
 
قالوا هذا قد خان الله فما لنا لا نخونه ,فائتمروا أن لا يصل إليك من علم أخبار الناس شيء إلا ما أرادوا ولا يخرج لك عامل إلا خونوه عندك ونفوه حتى تسقط منزلته عندك
فلما انتشر ذلك عنك وعنهم ,أعظمهم الناس , وهابوهم وصانعوهم , فكان أول من صانعهم عمالك بالهدايا والأموال ليقووا بها على ظلم رعيتك ثم فعل ذلك ذو المقدرة والثروة من رعيتك لينالوا ظلم من دونهم , فامتلأت بلاد الله بالطمع ظلماً وبغياً وفساداً
 
وصار هؤلاء القوم شركاءك في سلطانك وأنت غافل , فإن جاء متظلم حيل بينك وبينه
 
فإن أراد رفع قصته إليك عند ظهورك وجدك قد نهيت عن ذلك , وأوقفت للناس رجلاً ينظر في مظالمهم
فإن جاء ذلك المتظلم فبلغ بطانَتك خبُره ,سألوا صاحب المظالم أن لا يرفع مظلمته إليك , فلا يزال المظلوم يختلف إليه , ويلوذ به , ويشكو ويستغيث
 
وهو يدفعه , فإذا أجهد وأحرج ثم ظهرت صرخ بين يديك , فيضرب ضربا مبرحا يكون نكالا ( عبرة لغيره ) , وأنت تنظر فما تنكر , فما بقاء الإسلام ؟

وقد كنت يا أمير المؤمنين ! أسافر إلى الصين فقدمتها مرة وقد أصيب ملكهم بسمعه فبكى يوماً بكاء شديداً , فحثه جلساؤه على الصبر فقال أما إني لست أبكي للبلية النازلة , ولكني أبكي لمظلوم يصرخ بالباب فلا أسمع صوته
 
ثم قال : أما إذا قد ذهب سمعي فإن بصري لم يذهب . نادوا في الناس أن لا يلبس ثوباً أحمر إلا متظلم
 ثم كان يركب الفيل طرفي النهار , وينظر هل يرى مظلوماً

فهذا يا أمير المؤمنين ! مشرك بالله بلغت رأفته بالمشركين هذا المبلغ ، وأنت مؤمن بالله من أهل بيته لا تغلبك رأفتك بالمسلمين على شح نفسك فإن كنت إنما تجمع المال لولدك فقد أراك الله عبراً في الطفل يسقط من بطن أمه ماله على الأرض مال . وما من مال إلا ودونه يد شحيحة تحويه
 
فما يزال الله يلطف بذلك الطفل حتى تعظم رغبة الناس له ، ولست الذي تعطي بل الله تعالى يعطي من يشاء ما يشاء
فإن قلت : إنما تجمع المال لشد يد السلطان فقد أراك الله في بني أمية ما أغنى عنهم جمعهم من الذهب وما أعدوا من الرجال والسلاح والكُراع - اسم يطلق على الخيل والبغال والحمير - حين أراد الله بهم ما أراد .وإن قلت : إنما تجمع المال لطلب غاية هي أجسم من الغاية التي أنت فيها فوالله ما فوق ما أنت فيه إلا منزلة ما تدرك إلا بخلاف ما أنت عليه
يا أمير المؤمنين ! هل يعاقب من عصاك بأشد من القتل ؟ فقال المنصور : لا فقال فكيف تصنع بالملك الذي خولك ملك الدنيا وهو لا يعاقب من عصاه بالقتل ولكن بالخلود في العذاب الأليم قد رأى ما عقد قلبك ,وعملته جوارحك , ونظر إليه بصرك , و اجترحته يداك , ومشت إليه رجلاك
 
هل يغني عنك ما شححت عليه من ملك الدنيا إذا انتزعه من يدك , ودعاك إلى الحساب ؟

فبكى المنصور
 ثم قال ليتني لم أخلق , ويحك , كيف أحتال لنفسي ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ! إن للناس أعلاما يفزعون إليهم في دينهم ويرضون بهم في دنياهم فاجعلهم بطانتك يرشدوك , وشاورهم في أمرك يسددوك
 
قال المنصور : قد بعثت إليهم فهربوا مني
 
قال خافوك أن تحملهم على طريقتك ولكن افتح بابك , وسهل حجابك , وانصر المظلوم , واقمع الظالم

 
وخذ الفيء والصدقات على حلها , واقسمها بالحق والعدل على أهلها , وأنا ضامن عنهم أن يأتوك ويساعدوك على صلاح الأمة
 
وجاء المؤذنون فآذنوه بالصلاة , فصلى المنصور وعاد إلى مجلسه 
 وطلب الرجل ليُكمل فلم يجدوه

من هو الأب؟ وماذا يعني لك؟




حتى لو كان والدك متوفي لا بد ان تشعر بصدق هذه الكلمات لانك ستكون يوما ما اب
رحم الله والدينا احياء وميتين


من هو الأب؟ وماذا يعني لك؟

سؤال تم طرحه على طلاب الماجستير وكانت الأجوبة جميلة ومنها العادي ..

ولكن أفضل ما ذكره المحاضر هو هذه الأجابة التي وردته :

الأب..
... تلبس حذائه فتتعثر من كبر حذائه لصغر قدمك ...
تلبس نظارته تشعر بالعظمة ..
تلبس شماغه فتشعر بالوقار ..

تطلبه مفتاح سيارته وتحلم انك هو وانك تقودها
يخطر في بالك شيء تافه فتتصل عليه وقت دوامه ويرد

ويتقبلك بكل صدر رحب ولاتعلم ربما مديره وبخه او زميله ضايقه او مصاريفكم اثقلته
وتطلبه بكل هدوء...

"بابا جيب معاك عصير فراولة"
ويرد :
من عيوني , بس خلك رجال ولا تعذب امك

يأتي البيت وقد ارهق من الدوام والحر والزحمة ونسي طلبك ..
فتقول بابا وين العصير؟

فيتعنى ويخرج ليحضر لك طلبك التافه بكل سعادة متناسيا أرهاقه

واليوم .........

لاتلبس حذائه بسبب ذوقه القديم ...
تحتقر ملابسه واغراضه وسيارته اللتي كنت تباهي بها اصحابك
لاتروق لك ..
وكلامه لايلائمك وحركاته تشعرك بالاشمئزاز يصيبك الاحراج منه لو قابل اصحابك !

تتأخر فيقلق عليك ويتصل بك ..
فتشعر بأنه يضايقك وقد لا ترد عليه اذا تكرر الاتصال والقلق ..
ترجع البيت متاخر!!
فيوبخك.. ليشعرك بالمسؤولية ويستمر في مشوار تربيتك، لانه راع..

وكل راع مسؤول عن رعيته..
فترفع صوتك عليه وتضايقه بكلامك وردودك..

فيسكت ...
ليس خوفا منك.. بل صدمة منك!

بالأمس في شبابه يرفعك على كتفه واليوم انت اطول منه بكثير ..
بالامس تتأتي في الكلام وتخطيء في الاحرف
واليوم لايسكتك احد ..

تناسيت..
مهما ضايقك ... فهو وااااالدك
من تحملك في سفهك وجهلك
تحمّله في مرضه و شيخوخته

سألوني أي رجـل تحب؟
فـ قلت : من انتظرني تسعه أشهر و أستقبلني بـ فرحته
و رباني على حساب صحتـه
هو الذي سيبقى أعظم حـب بـ قلبي للأبد
. . . عذراً لـ جميع الرجال فـ لا أحد يشبه الأب
الهي من مات فاغفر له وارحمه واسكنه فسيح جناتك.
وكل حي اطل في عمره وفرج همه وارزقه من حيث لا يحتسب وامطره برحمةٍ منك واغفر له وادخله فسيح جناتك.

انشرها تقديرا لانسان انت لا شيء بدونه
--

رسالة أمي التي على الثلاجة


 

 رسالة أمي التي على الثلاجة
في فترة المراهقة كنت أبتعد كثيرا عن البيت و أتأخر في العودة ، و كان ذلك يغضب أمي كثيرا ؛ لأنني لا آكل في البيت ، و لأنني كنت أقضي معظم النهار نائما و لا أعود ليلا إلا متأخرا بعدما تنام أمي ، فماكان منها إلا أن بدأت تترك لي قبل أن تنام رسالة على باب الثلاجة ، وهي عبارة عن إرشادات لمكان الطعام و نوعه و كيفية تجهيزه ، و بمرور الأيام تطورت الرسالة فأصبحت طلبات لوضع الملابس المتسخة في الغسيل و تذكير بالمواعيد المهمة ، و هكذا مرت فترة طويلة من مراهقتي على هذا الحال ، و ذات ليلة ، عدت إلي البيت ، فوجدت الرسالة المعتادة على الثلاجة ، فتكاسلت عن قراءتها ، و خلدت للنوم ، و في الصباح فوجئت بأبي يوقطني و الدموع في عينيه ، لقد ماتت أمي ، كم آلمني الخبر و تماسكت حتى دفناها و تقبلنا العزاء ،و في المساء عدت للبيت و في صدري بقايا قلب من كثرة الأحزان ،و تمددت على سريري ، و فجأة قمت منتفضا ، لقد تذكرت رسالة أمي التي على الثلاجة ، فأسرعت نحو المطبخ ، و خطفت الورقة ، و قرأتها ، فأصابني حزن شديد هذه المرة لم يكن بالرسالة أوامر و لا تعليمات و لا نصائح ، فقط كان مكتوبا فيها 
*
ابني الحبيب ، وحشتني كثيرا ، و أتمنى أن نجلس معا فأنا أمك ، أمك هل نسيت أن لك أما ، و أنا متأكده أن في داخلك خير كثير سيظهر يوما ما ، على العموم أسامحك و أحبك ، أمك " ، و من يومها تغير حالي ، وهدأت روحي ، و انتهت مراهقتي ، و بدأ عهد الرجولة ، و عملا بوصية أمي التي كانت تريد الجلوس معي ، فقد أصبحت أزورها في قبرها كثيرا ، و آنس بها و أدعو لها بالرحمة و المغفرة 

# ... 
من كتاب فن صناعة الذكريات مع الأبناء </3

الأحد، 25 مارس 2012

فوضى الأسماء وجناية الآباء (من ساره ونوره الى جوانا وريتال)



 

ولا على حسن الاختيار، أو تدل على التبعية العمياء لغير العرب الذين ننتمي إليهم؟!
ولعلكم لاحظتم ما شاع في الأعوام الأخيرة من أسماء 
جديدة وغريبة لا تتصل بلغتنا، ولا بثقافتنا

وبخاصة أسماء الإناث، فغلبت عليها الميوعة 
المتكلفة، والعبثية غير المسؤولة، وتنافس في 
اختيارها بعض الآباء والأمهات، مما دَفَعَ فئة منهم 
إلى اختراع أسماء عجيبة لا وقار فيها، أو ذات 
دلالة عكسية، أو بلا دلالة مطلقا، لا يهمهم من ذلك 
كله إلا مواكبة (الموضة المحمومة) للأسماء الجديدة والغريبة.

ولأنني وجدت في الأمر ظاهرة تستحق الاستقصاء والعلاج 
كنتُ -منذ مدة- وما زلت أتتبع مروجي أمثال تلك 
الأسماء ومخترعيها في الشبكة العنكبوتية بخاصة
فوجدت عدداً من الموسوعات والمؤلفات وجملة من 
مواضيع المنتديات تتناول هذه الشؤون بالتفصيل 
والتأصيل، ومن ذلك أطروحات تحمل أمثال هذه 

العناوين: 

(أسماء جديدة غريبة جدا وجميلة)
(يابنات الحقوا على آخر أسماء الدلع)
(أسماء بنوتات روووعة)
(أسماء بنات جديدة لـ عام 2012) 

وهي سلسلة إبتدأت من عام 2005
وتحت تلك المواضيع أسماء عجيبة، المناسب منها 
قليل، وأكثرها باطل في اشتقاقه وفي معناه
وفي ادعاء أصله العربي.
ومن تلك الأسماء المقرونة بمعانيها سواء أستعيرت بمنتديات
او سميت بها قلذات أكبادنا والتي توحي 
أنها معان عربية وهي ليست كذلك: 
(رانسي: اسم الغزال)
(كارمن: اسم زهرة برية)
(ميار: ضوء القمر)
(مادلين: اسم فاكهة صيفية)
(تولين: اسم الزهرة)
( البيلسان: إسم لزهرة ما )
والأطرف: (هايدي: اسم فتاة الجبل) 
ويبدو أن الذي اخترع هذا المعنى نسي أن يُضيف
(سالي) و(أَلِيْس)، ويَدَّعي أن معنى سالي: 
(فتاة الحزن)، ومعنى أَلِيْس: (فتاة العجائب).
وليس هذا وأمثاله فحسب، بل هناك شروحات ومقولات 
مطولة لا يتسع لها المقال، وحين يقع غير المتخصص 
على مثل هذا يظن يقيناً أن أصحاب تلك الأطروحات 
يتحدثون عن علم راسخ، فيسمي بما فيها وهو مطمئن.
ومن طريف ما مر بي من ذلك أسماء اسْتُشِرْتُ 
في معانيها وفي أصولها العربية، فهذا صديق حميم 
رزقه الله بمولودة، وأحب أن ينتقي لها اسماً عربيّاً 
جميلاً جديدا، وهذا مطلب حسن، فاستشارني
في أن يسميها: (ماهيتاب)، فـ بينت له أنه اسم غير عربي، 
ولا معنى له في لغتنا، فاستنكر عليّ، وذكر أن 
معناه مأخوذ من الهيبة كما أفادته زوجته مهيبة 
الجَناب، فحلفت له بالذي نزع عنه الهيبة في بعض 
الأمور أن هذا غير صحيح، ثم عاد مرة أخرى 
يستشيرني في اسم (رَمِيْس)، فأخبرته أنه اسم عربي 
يعني (المدفون) (أي المقبور)، ونهيته عن اختيار الاسم
وأكدت له أن في الاسم فألاً غير حسن لابنته 
البريئة، ولكنه ظل يحاول إقناعي بجمال الاسم وعذوبة إيقاعه..
وصاحب آخر استشارني في تسمية ابنته: (رِسَال)، 
فأخبرته أن معناه (قوائم البعير)، فقال: 
بل معناه مأخوذ من الرسالة والرسول ومن قولهم: 
على رِسْلِك، أي تَمَهَّلْ، وظل يقنعني بصحة كلامه، وكأنني 
أنا طالب الاستشارة لا هو، ولما يئس مني 
عاد من الغد يستشيرني في اسم (مَيْلاء)، فـ بينت له أنه وَصْف 
للأشياء المائلة، فيقال: شجرة ميلاء لكثرة أغصانها، وعمامة ميلاء 
لما فيها من مَيَل، ووضحتُ أن صفة المَيَل واشتقاقاتها
لا تصلح أن تكون اسماً لأنثى، فوصفني بالتعقيد
وتحميل الأمور ما لا تحتمل، ثم سمى ابنته (دِيَالا) مع أنني نهيته أيضا
ولكن أصر؛ لأنه قرأ في أحد المنتديات أن معنى 
الاسم هو النهر، ولا أدري مَن ورطه بذلك!
وهذا صاحب ثالث سألني عن معنى اسم (رَمَاز)فهو بلا معنى
(مُوْهَانا) الاسم أعجمي، ولا معنى له في لغتنا العربية
وليس كما ذكر اسما لنوع من أنواع الطيور الهندية التي تمر على 
الجزيرة العربية في هجرتها الموسمية، فكيف لا يكون الاسم عربيّا؟!!
(رِيْتَاج) لا معنى له أيضا، إلا إذا كنت تقصد (رِتَاج) 
دون الياء، والرِّتَاج الباب الكبير، واسم من أسماء مكة المكرمه
ومهما يكن من أمر فلن أنتقد وأسكت
أو أطالب بأن نسمي أبناءنا أسماء تقليدية دائما


بل سأسوق جملة من المعايير التي يتحقق من خلالها جمال الاسم وجلاله، وتتأكد فيه صلاحيته الزمانية والمكانية، والمعايير هي:

1- 
أن يكون الاسم عربيّا، فالأمة المعتزة بذاتها تحافظ على هويتها، ولا تقلد الآخرين فيما لا موجب له، كما أن معاجمنا العربية تتسع لآلاف الأسماء، ومؤهلة للتوالد والاشتقاق، وهذا معيار لا تنازل عنه مطلقا.

2- 
أن يكون الاسم حسن المعنى، وهذا من البدهيات التي لا يختلف عليها ذوو الوعي؛ إذ لا قيمة لأي اسم مهما كان مغرياً إذا كان معناه غير حسن، مثل اسم (شَجَن وشُجُوْن وأشْجَان)؛ إذ إن أشهر معانيها يدل على الهم والحزن، وذلك ما لا يريده أحد لفلذة كبده، ويجب الانتباه إلى أن بعض معاني الأسماء تبدو حسنة في منظور دون منظور، مثل: (هُيَام)، فالهيام هو منتهى العشق، وفي الجملة يبدو معنى غير سيئ، ولكنه ليس مثاليّا، ولا يناسب فتاة يأمل فيها أهلها أن تكون راشدة حصيفة، وكذلك اسم (غُرُوْب)، فمن دلالات الغروب الانتهاء والغياب، ويقال غربت شمسه وغرب نجمه إذا انتهى عمره ومات، وهو كذلك يُشير إلى مشهد شاعري نراه للشمس أثناء غروبها، ولكن الدلالة الأولى أفسدت الثانية، وجعلت الاسم غير مثالي، ومن الجدير ذكره في هذا السياق نقد قولهم: «الأسماء لا تُعَلَّل»، بل تُعَلَّل وتُعَلَّل، ولا يوجد اسم إلا وهناك معنى له، وسبب في اختياره حتى لو خفي علينا بشكل أو آخر، وتلك المقولة يَحتج به من يَجهل معاني الأسماء، أو من يُرَوِّج لأسماء لا معاني لها.

3-
 أن يدل الاسم المذكر على مذكر أو صفة يناسبها التذكير، مثل: (مهند) و(مُنذر)، وأن يدل الاسم المؤنث على مؤنث أو صفة يناسبها التأنيث مثل: (أَرْوَى) و(بَتُوْل)، فإذا جرى العرف على أن الاسم المذكر يعود لمؤنث باتفاق فلا بأس، مثل: (غدير) و(أسيل) و(أريج)، فهذه أسماء لا يتسمى بها إلا الإناث مع أنها تعود لمذكر، فيقال: (هذا غدير، وهذا خَدّ أسيل، وهذا أريج طيب)، أما إذا كان الاسم جديداً لم يُتَعارف عليه فإن الأصل أن يَحتكم الناس في تذكيره وتأنيثه إلى اللغة، فمثلاً اسم (الجودي أو جودي) يعود على مذكر، وهو جبل رست عليه سفينة نوح عليه السلام، فمن غير المناسب إطلاقه حاليّاً على أنثى إلا إذا انتشر بين الناس على أنه اسم أنثى، وهناك أسماء مشتركة بين الجنسين، والأسلم تجنبها، مثل: (مَلَك) و(فَرَح).

4- 
أن يكون الاسم مقبولاً في أعراف البيئة المحلية، فقد نجد اسماً عربيّاً حسن المعنى، ولكن العرف يكاد يحصره على بيئة أخرى غير بيئة المتسمي بالاسم، وهذا من شأنه أن يُعَرِّض صاحب الاسم للنبز واللمز من المراهقين وأمثالهم، ومن تلك الأسماء: (كاظم) و(متولي)، فمن معاني الأول: كظم الغيظ، ومن معاني الثاني: الشخص الذي يتولى القيام بالأمور، والمعنيان جيدان، ولكن الاسمين ارتبطا بأقطار أخرى، وأحياناً تكون للأسماء بعض الخصوصية في مثل هذه الحالات.

5- أن يكون إيقاع اللفظ مناسبا، فالاسم المذكر يُناسبه الإيقاع القوي أو المعتدل، أما الاسم المؤنث فيناسبه الإيقاع العذب الرقيق، فمن غير المناسب أن يُسمى الولد (وسيم)، والبنت (عائضة).

6- 
أن يُنطق الاسم باللهجة العامية كما ينطق باللغة الفصحى، مثل: (باسل) و(زياد) و(رزان) و(هتون)، وهناك أسماء جميلة المعنى والنطق بالفصحى، ولكنها لا تنطق كما هي في اللهجة العامية المحلية، مثل: (سُهَيْل) و(عَمْرو) و(مَيْس) و(هَيْفاء)، فبعض كبار السن والموغلين في العامية سينطقونها إما بتغيير الحركات، أو بزيادة الحروف أو نقصانها، وسينطقون (سُهَيْل) (سْهِيل) بتسكين السين وكسر الهاء، و(عَمْرو) سينطقونها بالواو التي لا تُنْطق، وفي (مَيْس) سيقولون (مِيْس) بإمالة فتحة الميم إلى كسرة، وفي (هَيْفاء) سيحذفون الهمزة (هَيْفا)، وقد يُمِيْلون فتحة الهاء إلى كسرة أيضاً (هِيْفا)، وهذا من شأنه أن يُفسد بنية الاسم وإيقاعه.

7-
 أن تكون حروف الاسم منطوقة في اللغة الإنجليزية، وذلك مطلب عصري، ويجدر بنا الالتفات إليه وإن كان ثانويّا، ولا سيما أن كثيراً من تعاملاتنا الحديثة لا تخلو من اللغة الإنجليزية نطقاً أو كتابة، ومن تلك الأسماء الصالحة للغتين: (وليد) و(هشام) و(أماني) و(هند)، ومن الأسماء التي سيتغير نطقها في اللغة الإنجليزية: (صالح)؛ حيث سينطق: (ساله)، و(عواطف) سينطق: (أواتف).

8- 
أن يناسب الاسم المراحل العمرية للإنسان،ومؤخراً غفل بعض الآباء عن هذا الجانب وبخاصة في أسماء البنات، وتَصَوَّرَ أن ابنته ستظل طفلة، فاختار لها اسماً لا يناسب مراحلها العمرية المتقدمة، مثل: (وَجْد)، (وَسَن)، والأدهى من ذلك أن يكون الاسم غير عربي، فمن منا يتصور أن تكون له جدة اسمها: (جوَان) أو (جُوليا) أو (فريال)؟!



منقول

الأربعاء، 21 مارس 2012

: نبعة الخير



 
نبعة الخير


كان الفيلسوف الكبير وتلميذه يتجولان صباحا بين الحقول عندما شاهدا فردتي حذاء قديم مركونتين على جانب الطريق، وخمنا أنهما يخصان على ما يبدو الرجل الفقير الذي يعمل في أحد الحقول القريبة، والذي يبدو أنه على وشك الانتهاء من عمله.
التفت التلميذ إلى الفيلسوف وقال له : ” دعنا نلهو قليلا مع الرجل ونسخر منه بأن نخدعه ونخبئ الحذاء، ثم نخفى أنفسنا خلف الشجيرات وننتظر لنرى مدى حيرته عندما لا يستطيع ايجاد الحذاء”.
يا صديقي الصغير – اجاب الفيلسوف-  لا يجب أن نسلى أنفسنا أبدا على حساب الفقراء. وبدلا من هذا فأنت تلميذ غني، ويمكن أن تعطى نفسك متعة أكثر من خلال هذا الرجل الفقير، هيا ضع عملة معدنية (ذهبية) فى كل من فردتي الحذاء  ثم فلنختبئ ونراقب كيف سيؤثر ذلك عليه.
ونفذ التلميذ ما أمره به الفيلسوف فوضع عملة ذهبية في كل من فردتي الحذاء، ثم ذهبا حيث وضعا نفسيهما خلف الشجيرات القريبة بحيث لا يراهما العامل عند قدومه، وطفقا يرقبان الموقف، حيث سرعان ما انتهى الرجل الفقير من عمله ، وعاد عبر الحقول إلى حيث ترك فردتي حذائه ومعطفه.
وبينما كان الرجل الفقير يضع عليه معطفه دفع بإحدى قدميه إلى داخل فردة الحذاء الأولى، وعندما أحس بشيء صلب بداخله ، توقف، وانحنى لينظر ماذا يمكن أن يوجد بداخل فردة الحذاء. وعندها، وجد العملة الذهبية. بدأ الاندهاش والتعجب على سمات وجهه، وحملق في العملة ، ثم ادارها فى يده، وأعاد النظر إليها مرات ومرات.
واخيرا، التفت حوله ها هنا أو هناك، ولكن لم يكن أحد ظاهرا امامه. ومن ثم، فقد وضع العملة في جيبة، ثم واصل ارتداء الفردة الثانية من الحذاء. وفي هذه المرة كان شعورة بالاندهاش والمباغتة بوجود العملة الثانية مزدوجا .
لقد تغلب شعوره عليه، فلقد ركع على ركبتيه، ونظر إلى السماء وابتهل بصوت عال معبرا عن شكره الجزيل لرب العالمين الذي يعلم وحده مدى مرض زوجته التي لم يكن لها من يعينها أو يساعدها، وبأحوال أطفاله الذين تركهم بلا خبز، وأخذ صوته يرتفع بالشكر لله الذي أرسل له هذه النقود من حيث لا يعلم وكيف أنها ستعاونه على انقاذه وأسرته من لدغة البرد القارس.
والواقع أن هذا المشهد قد أثر كثيرا فى التلميذ الواقف غير بعيد خلف الشجيرات، حتى أن عينيه قد اغرورقت بالدموع . ” والأن” – قال الأستاذ لتلميذه- ألا تشعر بغبطة أكثر مما كنت ستشعر به إذا سخرت من هذا الرجل كما كنت تنوى؟
أجاب التلميذ الشاب: لقد علمتني درسا لن أنساه ما حييت... لقد أحسست الأن بصدق الكلمات التي لم أفهمها أبدا من قبل … إنه لأكثر بهجة أن تعطى من أن تأخذ...

  

ثمن المعجزة



 
ثمن المعجزة
توجّهت الطفلة ذات السادسة إلى غرفة نومها،
و تناولت حصالة نقودها من مخبئها السري في خزانتها،
ثم أفرغتها مما فيها على الأرض، و أخذت تعد بعناية ما جمعته من نقود خلال الأسابيع الفائتة،
ثم أعادت عدها ثانية فثالثة، ثم همست في سرها :
إنها بالتأكيد كافية، و لا مجال لأي خطأ” ؛ و بكل عناية أرجعت النقود إلى الحصالة ثم لبست رداءها، و تسللت من الباب الخلفي، متجهة إلى الصيدلية التي لا تبعد كثيرا عن دارها.

كان الصيدلي مشغولا للغاية، فانتظرته صابرة، و لكنه استمر منشغلا عنها،
فحاولت لفت نظره دون جدوى، فما كان منها بعد أن يئست إلا أن أخرجت قطعة نقود معدنية بقيمة ربع دولار من الحصالة،
فألقتها فوق زجاج الطاولة التي يقف وراءها الصيدلي ؛ عندئذ فقط انتبه إليها،
فسألها بصوت عبر فيه عن استيائه : ماذا تريدين أيتها الطفلة ؟ إنني أتكلم مع شقيقي القادم من شيكاغو،
و الذي لم اره منذ زمن طويل .. فأجابته بحدة مظهرة بدورها إنزعاجها من سلوكه:
شقيقي الصغير مريض جدا و بحاجة لدواء اسمه / معجزة /، و أريد أن أشتري له هذا الدواء.
أجابها الصيدلي بشيء من الدهشة:عفواً، ماذا قلتِ ؟
فاستأنفت كلامها قائلة بكل جدية: شقيقي الصغير أندرو، يشكو من مشكلة في غاية السوء، يقول والدي أن هناك ورما في رأسه،
لا تنقذه منه سوى معجزة، هل فهمتني ؟؟؟ فكم هو ثمن /معجزة/ ؟ أرجوك أفدني حالا !

أجابها الصيدلي مغيرا لهجته إلى أسلوب أكثر نعومة :أنا آسف، فأنا لا أبيع /معجزة/ في صيدليتي !”
أجابته الطفلة ملحَّة: = إسمعني ِجيداً، فأنا معي ما يكفي من النقود لشراء الدواء، فقط قل لي كم هو الثمن ! “
كان شقيق الصيدلي يصغي للحديث، فتقدم من الطفلة سائلا: ما هو نوع /معجزة/ التي يحتاجها شقيقك أندرو ؟ “
أجابته الفتاة بعينين مغرورقتين: لا أدري ، و لكن كل ما أعرفه أن شقيقي حقيقة مريض جدا ، قالت أمي أنه بحاجة إلى عملية جراحية، و لكن أبي أجابها، أنه لا يملك نقودا تغطي هذه العملية، لذا قررت أن أستخدم نقودي !.
سألها شقيق الصيدلي مبدياً اهتمامه: كم لديك من النقود يا صغيرة ؟ “
فأجابته مزهوة : = دولار واحد و أحد عشرة سنتا، و يمكنني أن أجمع المزيد إذا احتجت !..”

أجابها مبتسما: يا لها من مصادفة، دولار و أحد عشر سنتا، هي بالضبط المبلغ المطلوب ثمنا ل (معجزة ) من أجل شقيقك الصغير
ثم تناول منها المبلغ بيد وباليد الأخرى أمسك بيدها الصغيرة، طالبا منها أن تقوده إلى دراها ليقابل والديها، وقال لها: أريد رؤية شقيقك أيضا .

لقد كان ذلك الرجل هو الدكتور كارلتُن أرمسترنغ، جراح الأعصاب المعروف .
وقد قام الدكتور كارلتن بإجراء العملية للطفل أندرو مجاناً، و كانت عملية ناجحة تعافى بعدها أندرو تماما ..

بعد بضعة أيام، جلس الوالدان يتحدثان عن تسلسل الأحداث منذ التعرف على الدكتور كارلتون وحتى نجاح العملية و عودة أندرو إلى حالته الطبيعية، كانا يتحدثان و قد غمرتهما السعادة، و قالت الوالدة في سياق الحديث: ” حقا إنها معجزة ! “
ثم تساءلت : ” ترى كم كلفت هذه العملية ؟

رسمت الطفلة على شفتيها ابتسامة عريضة، فهي تعلم وحدها أن /معجزة/ كلفت بالضبط دولار واحد و أحد عشر سنتا.
.
.
عندما يكون حب الأخرين .. صادقاً .. ونابعاً من القلب .. عندها ستكون المعجزة .. ولن تكلف الكثير ..