الثلاثاء، 21 يونيو 2011

ماهي الحكمة من نزول القرآن الكريم مُفَرَّقَاً






ماهي الحكمة من نزول القرآن الكريم مُفَرَّقَاً  

قد ورد في القرآن الكريم ما يدل على هذه الحكمة ويبين الهدف والغاية من هذا الأمر

 1) تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً ﴾ [الفرقان: 32]، كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يلاقي من المشقة واللأواء في تبليغ هذه الدعوة ما يحتاج معه إلى التثبيت وإلى التسلية والتصبير حتى يقوم بهذا الجهد العظيم الذي حمله الله - سبحانه وتعالى- إياه فكان يحتاج إلى ما يثبته لأن أعداءه كُثُر, لم يكن بمكة من يعينه عندما بدأ هذه الدعوة إلا زوجه ثم بدأ الناس يدخلون في دين الله فردا فردا ، حتى تكاثروا وصاروا أمة بعد ذلك،

2) تيسير حفظه وفهمه

لأن المراد من إنزال هذا القرآن أن يحفظه الناس ويفهموا معانيه فلو نزل جملة واحدة لما أوقعوا هذه المعاني التي فيه على مراد الله - سبحانه وتعالى- وعلى ما ينبغي أن تقع عليه من المعنى فإذا نزل القرآن كل آية منه أو مجموعة آيات أو سور تنزل لتعالج قضية معينة مناسبة لما نزلت بسببه ، فإن ذلك أدعى إلى فهمها وإلى معرفة معنى تلك الآيات وإلى الاهتداء بهديه، ثم إن الناس أيضاً قد لا يحتملون أن يأتيهم كتاب كامل وآيات كثيرة لا عهد لهم بها دفعة واحدة، فإذا نزلت آية بعد آية ومقطع بعد مقطع ، وسورة بعد سورة كان ذلك أدعى لفهمهم ووعيهم وفقههم وعلمهم بمراد ربهم -سبحان الله.

3) مسايرة الحوادث

الحوادث التي تقع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- كثيرة ويحتاج كل واحد منها إلى إجابة شافية، وإلى معرفة بمراد الله - سبحانه وتعالى- وما ينبغي أن يفعله المؤمن تجاه تلك الحادثة فكان القرآن ينزل نجما نجما وآية آية لكي يساير تلك الحوادث وهذه الحوادث على أنواع:

* أسئلة:

يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم- مسألة فيحتاج إلى إجابة فيها فينتظر حتى ينزل عليه الوحي بإجابة ذلك السؤال ﴿يسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ﴾ [البقرة: 219]،   وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ﴾ [البقرة: 220]، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ﴾  [البقرة: 222]، ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ ﴾ [الأنفال: 1]

* مستجدات:

المستجدات في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم- وفي واقع الأمة الإسلامية فتحتاج إلى من يبين لها حكم الله - سبحانه وتعالى- و مثال ذلك ما وقع من حادثة الإفك العظيمة التي زلزلت المدينة في وقتها، واختلط أمر الناس فيها، وأصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قلقا شديد القلق بشأنها فبقي الناس شهرا لا يدرون كيف المخرج من هذه القضية فأنزل الله - سبحانه وتعالى- آيات في سورة النور ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَراً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 11]، فانظر إلى هذه الآيات لو نزلت قبل وقوع هذه الحادثة ما كان لها من الاعتبار وما كان لها من الفهم ، وما كان لها من النظر والأهمية مثل ما يكون إذا نزلت بعد وقوع تلك الحادثة .

*  تنبيه الناس إلى أخطائهم:

الناس يخطؤون في أمور كثيرة ويخالفون الصواب فيحتاجون إلى ما يصوب أخطاءهم فتنزل الآيات بذلك.

* كشف حال المنافقين:

فإن المنافقين يحتاجون إلى ما يكشف حالهم وقد نزل في القرآن الكريم أكثر من خمسمائة آية كلها تتحدث عن أوصاف المنافقين وأخلاقهم ، وعن أحوالهم وعن مؤامراتهم وخدعهم وعن غير ذلك مما يحتاج المسلمون إلى معرفته من أحوالهم ما كان المسلمون ليعرفوا ذلك ولا ليفهموه حق فهمه إلا بعد نزول القرآن عندما تحدث من المنافقين مناسبات تدعوا إلى بيان ذلك بالوحي .

4) رد شبهات أهل الكتاب

فأهل الكتاب كانوا يلقون بشبهات على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وعلى المسلمين فكان القرآن ينزل ببيان هذه الشبهات وتجليتها وقول الحق فيها.

5) التدرج في التشريع وتربية الأمة

إن نزول القرآن متدرجاً لا شك أنه أفضل في تربية الأمة لأن الأمة قد لا تحتمل أن تنهى عن شيء أو تأمر بشيء دفعة واحدة فكان القرآن ينتقل بها شيئا فشيئا من مرحلة كانوا عليها بعيدة جدا عن أمر الله - سبحانه وتعالى- أو عن نهيه إلى المرحلة التي يريدها الله -سبحانه وتعالى- ولا شك أن هذه الطريقة التي نزل بها القرآن تفيدنا كثيرا في تربيتنا لمن ندعوه ولطلابنا ولأبنائنا ولأهل بيوتنا أن نأخذهم إلى الحق شيئا فشيئا وأن نربيهم على الخير والفضيلة خطوة خطوة، وألا نأتي بهم جميعا فإن الإنسان إذا أمر بالخير كله دفعة واحدة نفر منه، وشرد، وصارت عنده رَدة فعل أما إذا ربي عليه شيئا فشيئا فإنه يقبله ويألفه ويلزمه بإذن الله - سبحانه وتعالى- ولذلك كانت عائشة تقول: « أول ما نزل من القرآن سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار فلما اطمأنت النفوس بالإسلام أنزل الله الحلال والحرام » فلو نزل لا تشربوا الخمر لما أطاعوا أبدا ولو نزل لا تزنوا لما أطاعوا أبدا ولما استقاموا على هذا الأمر وهو كلام من امرأة حكيمة وسيدة فاضلة عرفت الحكمة العظيمة التي تؤخذ من هذا المعنى الشريف في نزول القرآن منجما على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم.

6) استمرار التحدي

كانت الآيات تنزل وفيها تحدي هؤلاء العرب فتصور لو أن القرآن نزل جملة واحدة لكان التحدي به مرةً واحدةً لكن ﴿ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ ﴾ [هود: 13]، بحديث مثله ، بسورة من مثله بسورة مثله، مرة بعد مرة، ويذكر لهم هذا القرآن ويعاد عليهم ويكرر التحدي لهم فيكون ذلك أبلغ في تعجيزهم وبيان أن القرآن حق من عند الله.

7) بيان أن القرآن من عند الله - سبحانه وتعالى

إن أبلغ البلغاء وأفصح الفصحاء من البشر لو أنه أراد أن يتكلم بكلام لاختلف كلامه اليوم عن كلامه بالأمس ولاختلف كلامه في هذا العام عن كلامه في العام الأول، ولاختلف كلامه بعد كبر سنة عن كلامه عندما يكون في شبابه، ولكن القرآن عندما تنظر إليه في مدة ثلاث وعشرين سنة، تجده كتابا متشابها، في القوة والإحكام والبلاغة، والفصاحة ، والمتانة، وشدة الإحكام لا شك أن هذا يدل ويبين أن القرآن من عند الله -سبحانه وتعالى- وأنه ليس في طوق أحد من البشر أن يأتي بمثل هذا الكتاب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق