الخميس، 24 نوفمبر 2011

الأخبار في أنواع الرجال - مها نور إلهي


لطالما سحرت المرأة المفكرين و الكُتّاب و المحللين و المثقفين و الأميين و الجهلة و الفنانين و عديمي الفن و الإحساس على حد سواء، لذا بقي الرجل طوال هذه العصور يقبع بعيدا (سعيدا) بإهمالنا له لأنه قطعا يريد لشريكته و حبيبته المرأة أن تأخذ كل الأضواء و أن تكون نجمة كل الكتابات. و بما أن مقالتي تتناول أنوع الرجال، فأكاد أجزم أن المتاعب ستواجهني من قبل أولئك (القلة) الذين يعانون من عيب غير خلقي في عقولهم اسمه (التفكير الوسخ) لأنهم حتما سيتهمونني بأنني (مقطعة السمكة و ديلها) مع أني و الله العظيم لم أقطع في حياتي إلا اللحم و الدجاج أما السمك فأشتريه جاهزا من الشركة السعودية للأسماك و أحيانا من محل اسمه الجدعاني!

طفل و رجل

الكتابة (للرجل) أسهل شيء في الدنيا لعدة أسباب… أولا…الرجل في العالم العربي لا يقرأ (بصفة عامة) و إذا قرأ فهو يقرأ أخبار كرة القدم و هيفاء وهبي و نانسي، فهو كقاريء مريح لأنه لا يهتم بما يُكتب عنه…ثانيا… لدى الرجل العربي ثقة عمياء في نفسه و نرجسية عالية بحيث لا يعتقد أن أحدا يمكن أن يفهمه أو يستطيع أن يحلل شخصيته أو يكتب له ما يستحقه … ثالثا…لا يقرأ الرجل العربي ما يُكتب له لأنه يعرف أن المرأة العربية تعشقه كما هو ، فلا يرى بدا من قراءة شيء عنه يدفعه للتغيير أو التطوير في شخصه الكريم…

أما الكتابة (عن الرجل) فهي قد لا تثير اهتمام الكثيرين و الكثيرات و قد تكون عملية مملة لأنهم لا يرون في الرجل غموضا أو سحرا على أساس أنه واضح و صريح مثل كتاب مفتوح ..و قد تكون الكتابة عن الرجل عملا غير مجدٍ لأن الكثير من النساء يعتقدن أنهن يعرفن كل شيء عن الرجل وفقا لحكايات و نصائح الأمهات و الجدات التي تدور كلها حول ثلاث محاور لا رابع لها: (يا مآمنة للرجال يا مآمنة المية في الغربال) و (ولدك على ما تربيه و زوجك على ما تعوديه أي الرجل طفل كبير بالفصحى) و (قصقصي ريش طيرك قبل ما يروح لغيرك)… و سواء كانت الكتابة للرجل أو عن الرجل فهي غير مربحة إلا في حالة واحدة…إذا كانت ضد الرجل!

و عودة لمقالي…و بعيدا عن فلسفتي الزائدة (اللي حتوديني في داهية)، أضع بين أيديكم تصنيفاتي المهاوية للرجال و تنقسم إلى خمسة أقسام رئيسية: المخ، العضلات، المزمجر، و الحبّوب، و المدعوس

الصنف الأول (المخ):

و بعبارة أخرى المثقف …و يندرج تحته الفيلسوف و الكاتب و الشاعر و غيرهم ممن يتطلب عملهم أو هوايتهم تحليل الأمور و رؤيتها بطريقة مختلفة عن خلق الله العاديين…. و هذا بلا شك أروع و (أصعب) نوع يمكن أن تواجهه المرأة في حياتها حيث تعيش معه الجنون بجميع أنواعه الحلوة جدا و اللاذعة و المرة إلى حد السواد… هذا النوع غالبا ما يتمتع بحساسية و شفافية عالية إلى درجة أنها قد تتسبب له بعزلة اجتماعية حيث تمنعه من تحمل ما يقع في مجتمعه من سذاجة و غباء و سخف و كذب و احتيال (رغم أنه أكبر محتال عندما يريد)…و الرجل (المخ) و خصوصا الشاعر و الكاتب كثيرا ما يكون غارقا في رومانسية لا مكان لها على كوكب الأرض فإذا وقع في الحب، لم يرَ إلا الجمال و الفتنة في عيني حبيبته و مشيتها و ضحكتها و ركبتيها و باطن قدميها و تحت أظافرها و الأرض التي تدوس عليها بأطراف أصابعها….و لكنه سرعان ما يمل فتتحول ملهمته إلى امرأة عادية لا تلهمه و لا تثير فيه شهية الكتابة و تتحول حبيبته و ملكة قلبه إلى سجان قاس و تتحول عينيها اللتان كانتا عالما فسيحا يضيع فيه إلى عالم ضيق يقيد حريته و يحد من إبداعه و ينقلب جمالها نقمة عليه و عليها حيث لا يعود يرى سوى غرورها و غباءها و ضحالة تفكيرها….

brainy

و الغريب حقا أن هذا النوع غالبا ما يقع في حب امرأة تافهة و سطحية و فاتنة و عندما يستفيق من غيبوبته الفكرية، يكتشف كم كان أحمقا و انه كان ضحية استغلال من امرأة لا تحبه و لا تريد منه إلا التعبد في محارب جمالها ليل نهار…

أما لو أحب المثقف امرأة جميلة و مثقفة و ذكية، فهو عادة ما يجرحها لأنه يشعر بدون وعي منه أنها تنافسه في عقر رجولته (كتاباته و فكره) ، فيحاول التقليل من ذكائها أو أنوثتها أو الاثنين معا و كثيرا ما ينجح و قليلا ما تلقنه المرأة درسا لا ينساه، فتنشر كتابا عن غرامياته و قذارته و تضرب بذلك عصفورين بحجر: تجني أموالا طائلة من كتابها (الرخيص) و تتسلق سلم الشهرة على قفا صاحبنا أبو (مخ تخين)!

الصنف الثاني (العضلات):

و يندرج تحت هذا النوع الرياضيين و حاملي الأثقال و المصارعين و (الفتوات) و (القبضايات) و عدد كبير من الفاشلين دراسيا و الناجحين في تربية عضلاتهم و إخافة أعدائهم و حماية نسائهم و سياراتهم….و الفكرة الشائعة عن هؤلاء أنهم غير مثقفين و ذكائهم أقل من المتوسط و تواصلهم الإنساني و العاطفي شبه منعدم إلا أنهم كثيرا ما ينجحون في أن يكونوا نجوما أشهر بكثير من أصحاب (المخ) أعلاه! و لا أعني النجومية المطلقة، بل قد تكون نجوميتهم على مستوى الحي الذي يسكنونه أو النادي الذي يرتادونه أو المجتمع الذي يستطيعون فيه أن يستعرضوا عضلاتهم و يستخدمونها لأغراضهم النبيلة أو الدنيئة حسب ما يقتضيه الحال!

و أصحاب العضلات تعشقهن النساء السطحيات في معظم الأحيان فهم يشكلون حماية و أمانا بالإضافة إلى أن قيادتهم سهلة و ترويضهم متعة خصوصا للفتيات الجميلات…هذا النوع لا يجهد المرأة فكريا و لا عاطفيا لأنه و على عكس مظهره القوي، ضعيف جدا أمام جمال حبيبته و أمام رقتها و دموعها حيث لا يفلسف تلك الدموع و لا يبحث لها عن دافع أو سبب!

المصيبة في هذا النوع تكمن في ارتباطه بامرأة ذكية و مثقفة….. إن ارتباط رجل قليل الذكاء و الثقافة كثير الاعتماد على عضلاته هو الدمار بعينه لامرأة مثقفة!

رجل منزعج

الصنف الثالث (المزمجر):

و من أسماءه الأخرى المتحمير و المزعج و المتطلب و النكدي … أسد و الأسود كثير…لا يعجبه شيء و لا يرضيه شيء…يعطي امرأته شعورا بالغباء كل يوم لأنها قبلت به و تزوجته…ففي وقت الأكل مثلا، يرى الطعام دائما إما قليل الملح أو كثير بشكل يسبب له عسر الهضم…و عندما يفتح دولابه المكتظ بالثياب و البذل الرسمية لا يلاحظ إلا الثياب الناقصة التي لم تكوى و تعلق بعد و لا يرى سوى أن الكرافتة القديمة التي اشتراها من 10 سنوات غير موجودة في دولابه…و إذا أرادت زوجته أن تخرج معه في نزهة رومانسية تجده دائما يتأفف من الحر و من سوء اختيار المكان أو من البرد و يبدأ بالقلق و الوسوسة في إمكانية إصابته بانفلونزا العفاريت و في أحسن الأحوال تجده ساكتا مكفهرا ينتظر العودة بفارغ الصبر حتى يزمجر براحته و يصرخ كما يشاء و يتذمر من سوء الأحوال الجوية للجلسة الرومانسية… سلاحه دوما الصراخ و إظهار النقص في كل ما تفعله زوجته…و في الأوقات الصعبة التي تتطلب قرارات مصيرية ، تبحث عن عقله و حجته و قوة منطقه فلا تجدها و أحيانا تبحث عنه فتجده نائما ينفس عن طاقاته الزمجرية بشخير مزعج و شرير! و لكل من ابتلاها الله برجل مزمجر متفشخر أقول…افعلي ما تشائين و دعيه يزمجر كما يشاء إلى أن تلتهب حباله الصوتية و يصبح غير قادر حتى على المواء…

الصنف الرابع (الحبوب):

و هو عكس المزمجر المتحمير…. الحياة لديه لونها وردي…و طلبات حبيبته و أمه و زوجته أوامر…و كل ما تفعله زوجته هو عين الصواب….فعندما تسأله زوجته: “إيش رأيك يا حبيبي في فستاني الجديد؟” فإن رده دائما يكون: “حلو…يجنن”…و إذا سألته عن تسريحة شعرها المبتكرة التي جعلت رأسها أكبر من جسمها فتجده يجيب: “حلوة…تجنن”….و إذا قالت له : “إيش رأيك في مهند؟” فإن إجابته ستكون أيضا: “حلو…يجنن”…أما إذا سألته : “إيش رأيك في مناحي؟” فإن إجابته حتما تكون “حلو ..يجنن”…و إذا طلعت روحها من الحلاوة و سألته: “إيش رأيك لو قلت لك إنك أهبل و ما تسوى؟”…فماذا تتوقعون الإجابة؟ (برضو) حلو…كل ما يأتي من الحبيبة فهو “حلو”…ربما لكلمة “حلو” عند هذا الرجل مترادفات أخرى ليست في أي قاموس معروف…و ليس غريبا وجود هذا النوع المتساهل اللا مبالي  و الجبان…لأنه في بعض الأحيان تكون لديه حياة ثانية سرية يفعل فيها ما (يحلو) له حقا بدون خوف…لذا نجده يتخذ (السلام و المسالمة) وسيلة لتغطية خفاياه و نواياه…فأسهل و أسلم  شيء في الحياة أن تقول نعم لزوجتك عندما لا تريدها أن تزعجك و تتابعك … فإذا كنتِ عزيزتي المرأة متزوجة من هذا النوع (الحبوب الحلوف) إياكِ أن تصدقي ما قلتُه في هذا الجزء…لا تصدقيني ثم تلوميني عندما تكتشفين أنه متزوج بأخرى…عيشي حياتك و ارضي (بحلوك) الحبوب و لا تنغصي عيشك بالبحث في أسباب و دوافع كلمة “حلو” …عيشي بثقة و أمان…و تحملي كثيرا من الملل و القلق!

(المدعوس):

دهس يدهس مدهوسا… و دعس يدعس دعسا فأصبح مدعوسا…هذه هي حياة و شخصية هذا الرجل باختصار شديد…رجل مسكين و مغمور فكريا و ثقافيا و جسديا و ماديا…نوع ينتج منه العالم العربي كل يوم بالآلاف و لا يزال التصنيع مستمرا…. هذا الرجل همه الأكبر و الوحيد هو بيت يؤويه و امرأة تنجب له العيال و وظيفة تكفيه و تكفي أولاده عن السؤال…. رجل لا تطلعات له في النساء ليس لأنه شريف عفيف، بل لأنه لا يستطيع إلا أن يحلم بهن… ليس لهذا النوع من الرجال إلا أن يحلمون بأن تخرج لهم نانسي عجرم من الجوال…و يندرج تحت هذا النوع (المدعوس)  الرجل العادي البسيط و هو أقل تأثرا بالدعس و مقاوم للدهس السياسي الاقتصادي بطريقة سلبية تجعله يتقبل حياته كما هي بدون إبداع أو تطوير… رجل لا يفكر إلا في وظيفة رتيبة و مأمونة و لا يقرأ إلا صفحة الحوادث و يهوى حل الكلمات المتقاطعة في أحسن الأحوال…و كده رضا و نعمة…و هل هناك أفضل من (التناحة)؟ و ليس مهما أن يعيش المرء بلا تأثير…ليس مهما أن يعيش و يموت مدعوسا…أهم شيء أن يحيا مدعوسا و  لكن (بشياكة)…

طبعا هناك أنواع فرعية متعددة من الرجال مثل الرجل الطفل الذي تدلله أمه و تتعذب معه زوجته في محاولة لمنافسة دلع (الماما) التي لا زالت تدفع ديونه و تشتري له سيارة و تدعه ينام للظهر حتى لا يذهب للعمل و هو نعسان …و هناك الرجل (الأنثى) الذي يخاف على تسريحة شعره أكثر مما يخاف على حذاءه اللميع … (ياااااي حر…تصوروا شعري راح يخرب من الحر يا عالم!).. و هناك نوع جديد بزغ لنا مع الحالة الاقتصادية المتدهورة و هو ذاك الذي يصر على أن تُلتقط له جميع الصور و هو بكامل أناقته و خلفه مكتب فخم أو طقم كنب مذهب أو سيارة بورش على شاطيء نيس…و أحلى نوع هو ذلك الذي يدخل الفيس بوك فيرسل لأول فتاة يرى اسمها رسالة مفادها: “ممكن؟!!”

شاب انترنت

و أخيرا … هناك نوع منقرض لم نعد نراه أو نسمع عنه إلا في الروايات الأسطورية….الرجل الشهم و المحترم الذي يعرف ما له و ما عليه و الذي لا يعطي زوجته علقة ساخنة في الليل ثم يطلب منها مالا في النهار!!

و إلى لقاء آخر عن أنواع القراء الذين  سوف يردون على هذا المقال :)

وقفة:

الرجل بطل المعارك و الساحات…و المرأة بطلة الروايات و المجلات!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق