الخميس، 24 مارس 2011

هكذا كنا نحن ‏




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أعظم وأعجب محاكمة سمعت بها أذن التاريخ !

قامت المحاكمة بين فاتح الفتوح قتيبة بن مسلم وكبير كهنة سمرقند...

أهل سمرقند كان لديهم مجموعة من الكهنه يسيطرون على البلاد ويشرعون لأهلها القوانين وكان من امر الدين الإسلامي عند غزو بلاد من أجل فتحها ونشر الإسلام فيها ان يخيروا اهلها بين ثلاث امور .. (اما ان يسلموا ويدخلو في الإسلام ، او ان يدفعوا الجزية ، او ان يحاربوهم) ... ولكن في هذه البلاد من اجل قوتها ومنعتها قام قتيبة بن مسلم بمباغتتهم والانتصار عليهم لانهم كانوا اقوياء جدا ولم تكن هنالك طريقة اخرى لفتح هذه البلاد ...
تضايق الكهنه وتظلموا من هجوم المسلمين بهذه الطريقة وهم قد سمعوا بخيارات المسلمين لمن يريدون غزوهم فأرسلوا رسولا بشكوى لخليفة المسلمين 
(عمر بن عبدالعزيز) لما سمعوا من عدله وانصافه .
أعجب هذا الرسول الفارس بذلك الحاكم ولم يستطع الا ان أسلم لما سمع عن حضارة المسلمين وعدلهم ...لكن ذلك لم يمنعه من ان يفي بوعده ويقدم شكوى اهل مدينته...
فأنطلق هذا الفارس الى دمشق لملاقاة الخليفه .. قابل الخليفة الفارس وقال له: 
ما شانك..فقال (يا امير المؤمنين إني صاحب مظلمة) فرد عليه الخليفة (على من تشتكي) .....فقال الفارس: (على قتيبة بن مسلم) قتيبة بن مسلم !!!  
  فعلم الخليفة عمر انها ليست شكوى بين اثنين
فاكمل الفارس شكواه:
 (أرسلني كهنة سمرقند فأخبروني أنه من عادتكم أنكم عندما تفتحون أي بلد تخيرونهم بين ثلاثة امور، أن تدعوهم للاسلام أو الجزية او الحرب...)
قال الخليفة: 
(نعم ،هذه عادتنا) ...قال (ومن حق تلك البلاد ان تختاربين الثلاثة...)
قال الخليفة 
(نعم) ....قال الفارس (وليس من حقكم أن تقرروا أنتم وتهجموا وتفاجئوهم)قالالخليفة: (نعم ...فليس من عادتنا أن نفعل ذلك والله سبحانه وتعالى أمرنا بذلك ،ورسولنا الكريم نهانا عن الظلم)

فقال الرسول الفارس: 
(فقتيبة بن مسلم لم يفعل ذلك ..بل فاجأنا المسلمون بجيوشهم ...)
لما سمع الخليفة ذلك لم يصدر أمر فليس من عادته ان يسمع لطرف واحد ....فلابد أن يتأكد ...
فأخرج ورقة صغيرة وكتب فيها جملة من سطرين...فأغلقها وختم عليها.....

لم يعلم ذلك الفارس ماكتب في تلك الورقة ...وقال الخليفة أرسلها لوالي سمرقند وهو سيرفع عنكم المظلمة..

استغرب والي سمرقند وتعجب من الرسالة ولكن يعرف ختم امير المؤمنين....فتأكد انها منه...

فتحها...وإذبها: 
(من امير المؤمنين..إلى والي سمرقند
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...."نصب قاضياً يحتكم بين كهنة سمرقند وقتيبة بن مسلم ..وكن انت مكان قتيبة)
لم يشأ الخليفة أن يرجع قتيبة ويشغله عن فتوحاته .....
وإن رأى القاضي غير هذا الامر فنفذوه ....

لم يستطع الوالي فعل شي الا ان يفعل كما كتب في ذلك السطرين...فعين القاضي سريعا....
لكن امر القاضي ان يرجع قتيبة....لحرصه على العدل وخاف ان تخفى أمورا على الوالي لا يعرفها الا قتيبة...

بدأت المحاكمة ,,,,,,

نادى الغلام : ياقتيبة ( هكذا بلا لقب )
فجاء قتيبة وجلس هو وكبير الكهنة أمام القاضي جُميْع
ثم قال القاضي : ما دعواك يا سمرقندي ؟قال : إجتاحنا قتيبة بجيشه ولم يدعنا إلى الإسلام ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا .التفت القاضي إلى قتيبة وقال : وما تقول في هذا يا قتيبة ؟قال قتيبة : الحرب خدعة وهذا بلد عظيم وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية .قال القاضي : يا قتيبة هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب ؟قال قتيبة : لا إنما باغتناهم لما ذكرت لك .قال القاضي : أراك قد أقررت ، وإذا أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة ، يا قتيبة ما نصر الله هذه الأمة إلا بالدين واجتناب الغدر وإقامة العدل .ثم قال : قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء وأن تترك الدكاكين والدور ، وأنْ لا يبق في سمرقند أحد ، على أنْ ينذرهم المسلمون بعد ذلك !!
لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه ، فلا شهود ولا أدلة ولم تدم المحاكمة إلا دقائقاً معدودة ، ولم يشعورا إلا والقاضي والغلام وقتيبة ينصرفون أمامهم ، وبعد ساعات قليلة سمع أهل سمرقند بجلبة تعلو وأصوات ترتفع وغبار يعم الجنبات ، ورايات تلوح خلال الغبار ، فسألوا فقيل لهم إنَّ الحكم قد نُفِذَ وإنَّ الجيش قد انسحب ، في مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به .
نعم هاهو عدل الاسلام معنا ومع غيرالمسلمين....

وما إنْ غرُبت شمس ذلك اليوم إلا والكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية ، وصوت بكاءٍ يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم ، ولم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم لساعات أكثر ، حتى خرجوا أفواجاً وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله .

فيا لله ما أنصعها من صفحة من صفحات تاريخنا المشرق ، أريتم جيشاً يفتح مدينة ثم يشتكي أهل المدينة للدولة المنتصرة ، فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر بالخروج ؟
والله لا نعلم شبهاً لهذا الموقف لأمة من الأمم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق