السبت، 19 مارس 2011

كن مع الكبار وأصحاب الهمم العالية




تأملـوا معي العبرة في قصة هذا التلميذ المسلم الصغير في
الحضانة في فرنسا 5 سنوات وقد سألت المدرسة كل تلميذ في فصلها: ماذا تتمني أن تكون (عندما تكبر) ..؟

فقائل طيار – ضابط – مهندس – أما هو فقال أتمني أن أكون صحابيا !!

لم تفهم المعلمة في البدء .. فلما شرح لها الصغير، كان سببا في إسلامها .

انظروا إلي أمنية هذا الغلام الصغير في سنه، الكبير في تفكيره، إنها أمنيات الكبار .

كل الناس لهم أمنيات فهناك من يتمني أمنيات كبيرة و عظيمة و هناك من يتمني أمنيات تافهة كما هو الغالب علي أمنيات هذا العصر وشتان بين الفريقين .

انظروا إلي أمنيات بعض الكبار :

جلس عمر بن الخطاب مع بعض أصحابه في مجلس من مجالس الأحلام والأماني السامية فقال لهم تمنوا :

فقال أحدهم : أتمني أن يكون عندي ملء هذا الوادي ذهبا فأنفقه في سبيل الله

وقال الأخر : أتمني أن يكون عندي ملء هذا الوادي خيلا أتصدق بها في سبيل الله

فقال عمر رضي الله عنه : وأنا أتمني أن يكون عندي ملء هذه الغرفة رجالا كأبي عبيدة ابن الجراح وسالم مولي أبي حذيفة .

وانظر في المقابل : كان هناك رجل يدعو دائما قائلا : اللهم أمتني ميتة عرفجة .. قيل : وما ميتة عرفجة؟ قال : أكل حملا مشويا ثم شرب ماءً نميرا ثم نام في الشمس ثم مات فمات شبعانا ريانا دفئانا .

وكأن هذا كل ما أهمه في الدنيا ونعيمها فقط

هذه الأمنية هي وظيفة البهائم ( والذين كفروا يأكلون ويتمتعون كما تأكل الأنعام ......... )

فهناك البعض أمنياته كلها أمنيات دنيوية زائلة فتجد كل ما يشغله في دنياه هو حصول ناديه علي الدوري ويهتم لذلك كثيرا ، أو ارتفاع البورصة ،أو الحصول علي الترقية أو المنصب .

والبعض أمنيته أن يرضي عنه رئيس المدينة ، أو أن يعرفه المحافظ ، أو أن يتم ترشيحه علي قوائم الحزب الوطني حتى يضمن الحصول علي المقعد ولو بالتزوير ، ومنتهي آمال أمثال هؤلاء هو دخول لجنة السياسات، والزلفي من الكبار .



أين هؤلاء ممن يحملون همم الصحابة وغايات الأنبياء والصالحين والشهداء .

أين من يستيقظ في الصباح ليتذكر ذلك العهد الذي أخذه علي نفسه منذ سنوات أن يحيا لله وأن يعمل لدين الله؟ ، أين من يتمني التمكين لدين الله ويعمل له؟ ، أين من يتمني هداية البشرية ويجهد لذلك؟ ، أين من يتمني الصلاة في المسجد الأقصى بعد تحريره ويساعد علي ذلك؟ .. أين ..أين .. أين !! .



انظروا إلي عمر بن عبد العزيز هذا الرجل العظيم وهو يروي عن نفسه فيقول : إن لي نفسا تواقة كلما وصلت إلي شيء تاقت إلي ما هو اعلي منه ... تاقت نفسي إلي الزواج من ابنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلي الإمارة فتوليتها، ثم تاقت نفسي إلي الخلافة فنلتها، .. والآن تاقت نفسي إلي الجنة فأرجو أن أكون من أهلها !.

محمد الفاتح : منذ كان عمره 15 عاماً يركب حصانه ويركض داخل البحر وعينه علي القسطنطينية حتى فتحها بعد 8 سنوات فكانت هدفه وأمنية حياته .

البخاري : وهو ابن 14 سنة وأثناء جلوسه في أحد الدروس سمع اثنين من شيوخه يتحدثان عن كتب الحديث ويتألمان لأنها تحوي الصحيح والضعيف والموضوع ويتمنيان أن يظهر من يهتم بجمع الأحاديث الصحيحة فقط في كتاب فقال في نفسه : أنا لها – وجعلها أمنية حياته حتى أخرج أصح كتاب بعد كتاب الله .



وفي العصر الحديث نماذج :

الإمام حسن البنا :

كان موضوع الإنشاء في السنة النهائية بعنوان : اشرح أعظم آمالك بعد إتمام دراستك وبين الوسائل التي تعدها لتحقيقه

فكتب البعض : أمنيته؛ السفر والمال – الزواج والوظيفة – المنصب والشهرة – فماذا كتب حسن البنا رحمه الله تأملوا ما كتبه:

أعظم أمالي بعد إتمام حياتي الدراسية أملان :

خاص : وهو إسعاد أسرتي وقرابتي والوفاء لأصدقائي إلي أكبر حد تسمح به حالتي ويقدرني الله عليه.

عام : وهو أن أكون مرشدا معلماً إذا قضيت في تعليم الأبناء سحابة النهار، قضيت الليل في تعليم الآباء هدف دينهم ومنابع سعادتهم تارة بالخطابة والمحاورة وأخر بالتأليف والكتابة وثالثة بالتجول والسياحة .. وقد كان وحقق هذه الأمنية .

الشيخ أحمد ياسين : أخر كلماته من الدنيا أملي أن يرضي الله عني .

الدكتور عبد العزيز الرنتيسي : أن تدخلني ربي الجنة هذا أقصي ما أتمني – إن كان لا بد من الموت فلتكن الشهادة

شاب صغير كان يتمني أن يحي الله به سنة رسوله ويبلغ صوته الأفاق وقد كان .

يقول النبي صلي الله عليه وسلم :

"إذا تمني أحدكم فلينظر ما تمني فإنه لا يدري ما يكتب له" رواه أحمد

أين هذا كله من أصحاب الغايات المنحطة الذين لم يعرفوا لماذا جاءوا للدنيا ؟؟

اسمعوا لإيليا أبو ماضي

جئت لا اعلم من أين ولكنى أتيت

ولقد أبصرت قدامى طريقا فمشيت

وسأبقى سائرا إن شئت هذا أم أبيت

كيف جئت كيف أبصرت طريقي لست أدرى

( عيشة والسلام )



أين هذا من أمنية عجوز بني إسرائيل

عن أبي موسي الأشعري قال : أتي النبي صلي الله عليه وسلم أعرابيا فأكرمه فقال له ائتنا فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : سل حاجتك فقال : ناقة نركبها و عنزا يحلبها أهلي .

فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل قالوا : يا رسول الله وما عجوز بني إسرائيل ؟

قال : إن موسي لما صار ببني إسرائيل من مصر ضلوا الطريق فقال ما هذا ؟ فقال علماؤهم : إن يوسف لما حضره الموت أخذ علينا موثقا من الله ألا نخرج من مصر حتى تنقل عظامه معنا .

قال فمن يعلم موضع قبره قالوا : عجوز بني إسرائيل فبعث إليها فأتته .. فقال دليني علي قبر يوسف قالت : حتى تعطيني حكمي قال : وما حكمك ؟ قالت : أكون معك في الجنة .

فكره موسي ان يعطيها ذلك فأوحي الله إليه أن أعطها حكمها فانطلقت بهم إلي بحيرة موضع ماء فقالت : انضبوا هذا الماء قالت : احتذوا واستخرجوا عظام يوسف ـ أي بدنه ، وهو من باب إطلاق الجزء ويراد به الكل ، فالأنبياء لا تأكل الأرض أجسادهم كما صح بذلك الخبر عن خير البشر ـ فلما أقلوها إلي الأرض إذا الطريق مثل ضوء النهار . صحيح ابن حبان والحاكم

شتان ما بين همة وطموح وسمو هذه المرآة وبين همة وطموح الآخرين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق