الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

اجازة موظفه



______________006.gif
نتمنى لك إجازة سعيدة

قالها المسؤول المباشر وهو يسلمها الموافقة على إجازة تبدأ من الثلاثاء
وتنتهي الخميس، إضافة طبعاً إلى يومي الجمعة والسبت، وخرجت من مكتبه وقد استسلمت للإحساس بالفرح، خمسة أيام من الراحة الحقيقية، فالعمل المتواصل أنهكها فعلا، وهي بحاجة لأن تلتقط أنفاسها ولو لحين، أن تستمتع بشرب فنجان قهوة على رفتها الظليلة في صباح مشرق، أن تقرأ شيئا تحبه، أن تنام حتى ساعة متأخرة...أن تخرج للمشي في المساءات، عسى أن تعيد الدماء إلى عروقها التي تجمدت من جراء الجلوس الطويل وراء المكتب، والأهم من ذلك كله، أن تريح أعصابها من صخب الشوارع في الصباحات، وأعصابها من السباق اليومي مع الوقت طوال النهار...

 
خفق قلبها المتعب ببهجة، وسلمت على الزميلات الزملاء بسرعة متحاشية النظر في عيونهم، حتى لا تقرأ رسائل الغيرة فيها!

 
في اليوم الأول من الإجازة، أفاقت على صوت زوجها يقول بمودَة استثنائية: «صباح الفل، والله البيت اشتاق لك... « وحين همَت أن تجيبه بابتسامة متكاسلة، 
أضاف وهو يحمل مفاتيحه متأهبا للخروج: «مرَّ موسم ورق العنب، ولم أذقه... بعد ساعة سأرسل لك كمية دبَرتها بالعافية من أختي، من سنوات لم أذق الورق والكوسا من يديك... وكلُك نظر

 
فقضت اليوم الأول في اللفِ (والحشي) والتحضير، وفي سباق محموم مع الزمن، حتى عاد عند الظهيرة ليجد ما تمناه في انتظاره!

 
في اليوم التالي، أفاقت على هاتف من ابنتها تقول بلهفة : « ماما، سمعت أنك في إجازة... يا ماما، سأمر ليك لأحضر الصغيرة، فحرارتها مرتفعة قليلاً، ولا يطاوعني قلبي على إرسالها إلى الحضانة بهذه الحالة، أنا قلقة عليها، سأحضرها لك بعد قليل... باي

 
فقضت اليوم الثاني في مراعاة الحفيدة حتى المساء!

 
اليوم الثالث، وفيما كانت جالسة على شرفتها تنوي تناول قهوتها الصباحيَّة، لمحتها جارتها، وبعد التحيات والسلامات والأسئلة الدقيقة عن سبب الإجازة....أعلنت عن رغبتها في الزيارة، وبأن بقية الجارات يشاركنها هذه الرغبة... ولم تعرف وسيلة للتملَّص، فقضت نصف النهار في ثرثرة بلا طعم ولا
>
نكهة!
>
أما النصف الثاني، فقضته في التحضير لوليمة قرر
>
زوجها أن يدعو إليها أنسباءه الجدد... بداعي أنه 
>
يود رفع رأس أخته الصغيرة، العروس الجديدة، أمام
>
أهل زوجها، والفرصة ذهبية، ولن تتكرر طالما أن
>
الزوجة العزيزة في إجازة... ومرتاحة من أيام!
 
ومرَ يوم الجمعة في هرج ومرج، ولما قال أحد المدعوين وهو يملأ صحنه الثاني بشهية غامرة إنه يعجب بالسيدة الكاملة، كما أسماها، التي تعمل في الخارج، وتبدع في الداخل.... كادت تبكي
 
صباح السبت، وجدت نفسها في عيادة أحد الأطباء بسبب آلام لا تطاق في ظهرها ومفاصلها، كان منهمكا بكتابة الوصفة الطبية، حين كانت تنظر نحوه بتوسُّل، متمنيَّة أن يكتب لها إجازة مرضية... إجازة نقاهة من الإجازة إيَّاها!

د. لانا مامكغ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق